recent
أخبار

هل تمخضت قمة سوتشي “المغلقة” عن اتفاق بعقد لقاء وشيك بين الأسد واردوغان ... عبد الباري عطوان

الدار العراقية
الصفحة الرئيسية

 



اجتماع القمة الثنائي الذي انعقد اليوم في منتجع سوتشي السياحي بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره التركي طيب رجب اردوغان بعد اقل من ثلاثة أسابيع من اجتماع قمة مماثل بين الرئيس الروسي ونظيره السوري بشار الاسد في موسكو، ربما يكون الخطوة الرئيسية لإنهاء الوضع الراهن في مدينة ادلب، وانهاء وجود الجماعات المسلحة المصنفة “إرهابية” المسيطرة عليها، والتمهيد لقمة سورية تركية في الأيام او الاسابيع القليلة القادمة، للتوصل الى حلول نهائية للازمة السورية.

الرئيس اردوغان ذهب الى سوتشي للقاء الرئيس بوتين، بعد الرسالة الروسية القوية التي تمثلت بشن غارات مشتركة على قوات هيئة تحرير الشام في ادلب، وتهديدات من الجيش السوري بإقتحام المدينة، واعادتها الى السيادة السورية، وبعد نجاح الوساطة الروسية في انهاء التوتر والصدامات العسكرية في مدينة درعا في الجنوب، واجلاء جميع المسلحين منها، ودخول قوات الجيش السوري اليها، وسقوط قانون “قيصر” الأمريكي، وكسر الحصار وعودة دمشق بشكل متسارع لاستعادة مكانتها العربية.

الرسالة الروسية السورية المشتركة كانت واضحة لا تحتاج الى شرح: على الرئيس اردوغان ان يلتزم بإتفاق سوتشي الثنائي مع بوتين، وتنفيذ تعهداته بالالتزام بإخراج الجماعات المسلحة من ادلب، وسحي قواته من سورية والا تنفيذ هذا الاتفاق بالقوة، فمرحلة المناورات وكسب الوقت انتهت.

الاجتماع المغلق بين الزعيمين الروسي والتركي استغرق ما يقرب الثلاث ساعات (ساعتان و45 دقيقة)، واقتصر عليهما فقط، مما يعني ان قضايا حساسة جدا كانت موقع البحث، عسكرية وسياسية واقتصادية، بعيدا عن اعين وآذان المستشارين، بما في ذلك هاكان فيدان، رئيس المخابرات التركية، والذراع الأيمن للرئيس التركي، الذي كان الرجل الثاني في الوفد الرسمي.

***

هناك عدة أوراق قوية اشهرها الرئيس بوتين امام ضيفه التركي حسب مصدر لبناني مقرب من سورية:

  • الأولى: الانسحاب الأمريكي العسكري من شرق الفرات بات مؤكدا ووشيكا، واحتمالات تشكيل تحالف سوري كردي (قوات سورية الديمقراطية) كبيرة جدا تحت المظلة الروسية، وسيؤسس هذا التحالف جبهة لمواجهة القوات التركية في شمال سورية عسكريا، فهيئة ما يسمى بالحكم الذاتي الكردي بدأت اتصالات سرية مع دمشق.

  • الثانية: علاقة الرئيس اردوغان مع أمريكا، وإدارة بايدن تحديدا سيئة جدا، والاقتصاد التركي يواجه تحديات صعبة، في حال تراجع، وروسيا يمكن ان تكون البديل، والرئيس بوتين لوح بهذه الورقة عندما قال ان التبادل التجاري ارتفع بحوالي 50 بالمئة في الأشهر التسع الأولى من العام الحالي، وان عدد السياح الروس الذي انخفض الى مليون ونصف المليون سائح في العام الماضي 2020 بسبب كورونا يمكن ان يعود الى مستواه الطبيعي أي 6.5 مليون سائح مثلما كان عليه الحال عام 2019، أي قبل انتشار الكورونا، ان لم يكن اكثر، والاهم من ذلك ان خط “السيل التركي” أي الغاز الروسي مستمر.

  • الثالثة: الرئيس اردوغان اكد اكثر من مرة انه يتطلع لشراء صفقة ثانية من منظومات “اس 400″، وربما لشراء طائرات “سوخوي 35” الروسية المتطورة بعد انهيار صفقة شراء طائرات “اف 35” الشبح الامريكية، وروسيا مستعدة لتلبية هذه الطلبات، شريطة تنازلات تركية في الملفين السوري والليبي.

  • الرابعة: تفكك حلف الاطلسي وتشكيل أمريكا حلف انجلوسكسوني بديل يضمها الى جانب استراليا وبريطانيا، مما يعني ان الرئيس اردوغان الذي ساءت علاقاته مع أوروبا بسبب قضية المهاجرين، يبحث عن مظلة وتحالف دفاعي جديد قد يكون التحالف الروسي الصيني، فانسحاب امريكا من منطقة الشرق الأوسط بعد هزيمتها المذلة في أفغانستان قلص أهمية الدور التركي بشكل كبير، والاهم من كل ذلك ان الورقة الكردية، سواء داخل تركيا، او في سورية وايران كانت وستظل في جيب روسيا.

  • الخامسة: مؤامرة تغيير النظام في سورية سقطت، وحصار قانون “قيصر” الأمريكي انهار، وفتح الحدود الأردنية السورية وعودة الرحلات الجوية بين البلدين، وإعادة معظم الدول العربية فتح سفاراتها في دمشق، وضع تركيا في وضع محرج، وباتت وحيدة في عدائها لسورية مما ينعكس سلبا على خططها لتصدير بضائعها بريا الى الخليج عبرها.

***

السيناريوهات المتوقعة بعد هذا اللقاء المغلق الذي لا نستبعد توصل الزعيمين الروسي والتركي خلاله الى تفاهمات حول معظم القضايا المذكورة آنفا متشعبة، وقد يكون ابرزها واسرعها رفع يد تركيا عن الجماعات المسلحة في ادلب، والعمل بإتفاق وقف اطلاق النار لإنهاء الهجوم السوري الروسي المشترك، وإعادة فتح أوتوستراد حلب اللاذقية مجددا، وسحب جميع المسلحين السوريين الذين ارسلهم اردوغان الى ليبيا وأذربيجان.

الرئيس اردوغان الذي قدم تنازلات كبيرة، غير متوقعة،  لمصر من اجل استعادة العلاقات معها، بما في ذلك التخلي عن دعم حركة “الاخوان المسلمين” واغلاق منابرها الإعلامية، و”تطفيش” معظم قياداتها من اسطنبول، وتصالح مع الامارات مقابل عشرات المليارات من الاستثمارات حملها الشيخ طحنون بن زايد، مستشار الامن القومي الاماراتي، اثناء زيارته المفاجئة لأنقرة قبل ثلاثة أسابيع، الرئيس اردوغان يتطلع حاليا للخروج من المأزق السوري بأقل قدر ممكن من الخسائر، خاصة بعد تراجع شعبية حزبه ورئاسته في استطلاعات الرأي الأخيرة.

السيد هاكان فيدان رئيس المخابرات التركي، طلب لقاء الرئيس الأسد في دمشق، وهذه معلومة مؤكدة، لترتيب لقاء قمة بين الرئيسين التركي والسوري، ولكن الرد كان سلبيا، ومن المؤكد ان هذه القمة كانت تتصدر لقاء بوتين اردوغان، وجرى الاتفاق على شروطها مع الرئيس الأسد اثناء زيارته الأخيرة لموسكو، ومن ابرز هذه الشروط انتهاء الاحتلال التركي لشمال سوري وفق جدول محدد بضمانة روسية.. والأيام بيننا

google-playkhamsatmostaqltradent